29 - 06 - 2024

اقرأني لتراني | بوليكة، ميدو، ناجح وليموزين

اقرأني لتراني | بوليكة، ميدو، ناجح وليموزين

(أرشيف المشهد)

  • 31-7-2015 | 02:25

رحلة قصيرة لأول مرة إلى مرسى علم، محافظة البحر الأحمر. قرية سياحية بن بورت غالب والقصير.الصور الترويجية للمكان تمتلئ بألوان الشعاب المرجانية وأسماك الدرفيل والفنادق الفاخرة، الجانب الآخر من الصورة تملؤه المصاعب: أمتار بعيداً عن القرية تجد قلة ماء الشرب النظيف، نقاط التعدين التى تملأ كتب المواد الإجتماعية  لاوجود لها على أرض الواقع، فساد الأجهزة المحلية، أراضى نهبها رجال أعمال نظام مبارك أسماؤهم لاتزال موجودة ومزدهرة، محافظة ليست على الخريطة السياحية ولا التنموية ولا أى خرائط من أساسه.

أين معرض السعادة إذن فيما اكتب؟

وجوه شباب قابلتنى فى رحلتى، تصاحبنى الآن فى الذاكرة، مجرد حضورها على الذهن ينير صباحات القلب.

"على ليموزين" هكذا أجده مسجلاً على تليفونى، شاب قناوى الأصل من القصير، صاحب سيارة أجرة مكيفة، تنقل السياح ورواد القرية لأى مكان يودونه، شاب دقيق الحجم سمح الوجه مهذب الصوت، سيارته نظيفة ومليئة بالتذكارات من كل راكب، أخذنا فى جولة فى القصير، أدمع أعيننا لبلد خٌصخصت مناجمه ومواقع تعدينه، أشار بيده للمبانى المهجورة، وللناس التى أكلها القحط والمرار تقف بالطوابير تملأ الماء النظيف من حنفية فى الشارع فى عز الحر، عمل كل هذا والبسمة لم تفارق وجهه ولا إرتفعت نبرة صوته ثم كافأنا بأكلة سمك عند محل على البحر رأينا فى مدخله فناطيس المياة الحلوة التى لو نفذت لعطش كل من بالمحل! ورأينا فيها الإمكانات المهدرة يود لو يقايض بكارليوس التربية الذى كافح فيه فى محافظة أخرى بكل الذى صرفه عليه فلا تعليم ولا غيره ينفع فى هذا البلد، أصلك قرشك يا حلاوة!

ناجح يعمل فى السياحة، شاب أسمر خفيف الظل طلق الصوت، رأيت على جواله صور الثعالب فى مستشفى القصير، والقمامة ، ومفتاح أنبوبة الأكسجين ملقياً على سور النافذة، ثم شرب الشاى دفعة واحدة وقال: " انا لو يعينونى وزير سياحة كنت خليت الدولارات تنزل ترف ع البلد!" ده إحنا بنسافر بره و نجيب سواح لمركز الغطس وللفندق، ما بيعملوش كده فى الوزارة!"

أحمد بوليكة ومحمد ميدو شابان مصريان من السويس، يعملان فى الغطس و الغوص وتسلية السواح على المراكب. لايعرفان كلمة لأ لأى طلب، مبدأهما الزبون يخرج من المركب سعيد، مبتهج، منتشى ولا يقبلان بأقل من هذا أبدا: مشاغبة بريئة مع كل واحد، تصوير لقطات جميلة، عناية وحرص فى الماء، ضيافة وكرم ولطف فى الطعام والشراب على المركب، إصرار على أن يستمتع كل راكب بالماء والكائنات التى به حتى ولو لايعرف السباحة مثل حالاتى ولو وصل الأمر للسباحة مع كل زبون وحين ينتهى كل شيء يلعبان ألعاب الحواة ويصنعون من البشاكير أشكالا يلبسونها للسياح ويصورونهم وهم مبتهجون، تارة ذقن رمسيس، قبعة على بابا، خرطوم فيل..الخ! المهم ان تنزل وانت تضحك وتظل تضحك حين تعود وتتذكر.

شباب جميل يواجه مجاعة السياحة فى مصر بالغزل برجل حمار ورجل فرخة وأحياناً ضفدعة. 

مقالات اخرى للكاتب

فى رثاء الخالة: متلازمة الصدمة





اعلان